بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
...زملائي الكرام في ارتين تحية طيبة لقد قرأت هذا الحديث الشريف واطلعت على هذه الدراسة الموجزة للصورة الفنية في الحديث الشريف ...فأحببت ان تستفيدوا مما رزفنا الله اياه من علم ومعرفة .
عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
(( إن الله عزّ و جلّ لا ينام و لا ينبغي له أن ينام , يخفض القسط و يرفعه , يُرفع له عمل الليل بالنهار و عمل النهار بالليل , حجابه النور , لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه )).
فقد جاء هذا الحديث في وصف الله تعالى , الذي لا يستطيع أن يدركه منا أحد
(( ليس كمثله شيء )) و لا يضاهيه أحد (( يدرك الأبصار و لا تدركه الأبصار )) .
فنحن إذاً أمام نص عظيم يورد للخالق صفات خاصة لا تتوافر في أحد من مخلوقاته , فهو - عزّ و جلّ - لا ينام و لا ينبغي له أن ينام لأن النوم دليل على الضعف و التعب , فما ينبغي له أن ينام و هو الإله الواحد القهار .
ثم يبحر بنا المصطفى عليه الصلاة و السلام في بحر من البيان و ذلك فيما يسميه علماءالبلاغة بالمجاز المرسل و علاقته الآليه و ذلك في قوله : ( يخفض القسط ) فالقسط هو الميزان , و لكن المراد به هنا العدل , و لا شك أنه بالميزان يقع العدل , فالميزان إذاً آله يتحقق العدل بواسطتها , و هنا تتجلى لنا صورة رائعة هي :
أنه هناك ميزان لا نعلم حقيقته لأنه من عالم الغيب , و هذا الميزان توزن فيه أعمال العباد فيقع العدل و لا تظلم نفسٌ شيئا و لو كان مثقال ذرة .
و يمضي الحديث ليقرر لنا أن أعمال الناس تبلغ إلى الله فورا , و لكن هذا المعنى عُرض لنا بصورة رائعة و هي صورة الرفع : ( يُرفع له عمل الليل بالنهار و عمل النهار بالليل ) فالحياة ليست عبثاً و ما خُلق الناس هملاً , فما يعملونه يصل إلى الله فوراً و لا يخفى عليه شيء مما يعملون .
ثم يستمر المصطفى صلى الله عليه و آله في عرض هذا الحديث بصورة شيقة , إذ يقول ( و حجابه النور , لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) , و المفروض أن الحجاب يكون ظلاماً كثيفاً لا يبين ما وراءه , لكن أن يكون هذا الحجاب نوراً فهو أمر غريب في التصوير , و هذا النور يشبه أن يكون ناراً فهو يحرق من يقترب منه لذا كان حجاباً مانعاً لا تستطيع المخلوقات بتركيبها الدنيوي احتمال التعرض لرؤيته سبحانه و تعالى , فلو كشف حجاب النور لأحرقت المخلوقاتِ سبحاتُ وجهه تعالى .
سُبحات وجهه : بضم السين أي جلالته و عظمته .
لقد استطاع هذا الحديث رغم كلماته المحدودة أن يعبر عن موضوع في غاية الدقة يتعلق بذات الله سبحانه و تعالى , و أن يستخدم الصور الحسية بأسلوب رائع يحقق الغرض الديني على أكمل وجه .
***** م ن ق ول *****
_________________ [align=center]{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنّتَانِ}[/align][/font][/color]
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) }
!~¤§¦ اللّهمّ ارزقنا النّظر إلى وجهك الكريــــــــــــم ¦§¤~!
|